قيد التداول في هذه الايام مجموعة صور ملتقطة في اهدن بعدسة احد عناصر الجيش الاوسترالي Tom Beazley لدى تمركزه في منطقتنا، عام 1942. أي خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، وانتشار جيوش الحلفاء في لبنان بعد دحرهم للقوات الفرنسية الفيشيّة.
من هذه الصور التي تتخاطفها مواقع التواصل الاجتماعي تعنينا الآن صورة مأخوذة قبالة كنيسة مار ماما، في اهدن، حيث كان وقع اختيار العائلة الكرميّة، في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، لنصب تمثال العلّامة جبرائيل الصهيوني، فيما وقع اختيار العائلة الدويهية على المكان الذي كان، ولا يزال فيه، تمثال المكرّم البطريرك اسطفان الدويهي.
وتمكن أهمية هذه الصورة في انها تثبت بالملموس ما كنّا نعرفه سماعاً ممن يكبرنا سنّاً من أن تمثال الصهيوني كان قرب كنيسة مار ماما، قبل ان ينقل الى مكانه الحالي، عند المدخل الشمالي لكنيسة مار جرجس. ولم تُعوزني، كمهتمّ على المستوى الشخصي، الأدلّة المكتوبة على صحّة ما يُروى حين نشرت، فيما مضى، رسائل واردة الى المونسينور بولس حليم سعاده، أمين سرّ البطريركية المارونية سابقاً، من صهره المغترب بطرس الشيخا الدويهي، مُهدي التمثالين المذكورين الى اهدن، بل مهديها معظم ما تشتمل عليه من تماثيل.
وقد ظللت أفتقر الى الاثبات البصري حتى ظهور صورة التمثال هذه في المكان الذي ارتؤي ان ينصب فيه أولاً، قبل أن يُنقل الى الموضع المخلّد لذكراه الآن.
اشارة أخيرة الى أن المغترب اميليو ابن بطرس الشيخا الدويهي عاد وأهدى اهدن سَبْعَيْن برونزيّيَن وُضعا عند مدخل اهدن الجنوبي، قرب الجسر المعروف بـ”جسر أبو تراب”، ناسجاً بذلك على منوال المرحوم والده، ومكمّلاً سيرته في السخاء على الأرض التي أنجبته، ولم يبارحه الحنين اليها ما عاش.
وقد كتب الشاعر الراحل أنسي الحاج، ذات مرّة، واصفاً اهدن بأنها أرض كنائس وتماثيل. وكان على صواب، علماً بأن عددها زاد مُذذاك.
محسن أ. يمّين