ولد في مدينة التيغري El-Tigre في فنزويلا العام 1955، وأمضى فيها ست سنوات قبل أن يقرر الوالدان، أنجال ومخائيل، العودة إلى زغرتا في لبنان. فأُدخل بيار مدرسة راهبات الناصرة في كفرزينا لينتقل بعدها إلى معهد القديس يوسف في عينطورة حيث تابع الدروس من العام 1965 إلى 1974، وهي السنة التي نال فيها شهادة البكالوريا اللبنانية. على مقاعد الدراسة، لفت التلميذ نظر كل من عرفه لما أظهره اولاً من عمق في التفكير، وسعة اطلاع في الفلسفة وقدرة على التحليل، بالاضافة الى إ بداع رسومات كاريكاتورية صوّرت أساتذته الذين لا يزالون يذكرونه حتى اليوم.
سنة 1975، كان أحد أفراد فريق عمل مصغر أصدر في اهدن مجلة “المارد الساخر” التي كتب نصوصها الشاعرالراحل جورج يمين فيما تولى مع أخيه بول إعداد رسومها الكاريكاتورية.
العام 1976 قرر بيار متابعة التحصيل العلمي، فالتحق بجامعة الروح القدس حيث درس الهندسة الداخلية حتى سنة 1978، ومن ضمن تصاميمه في هذه الحقبة “بيت الفنان” الذي وضعه العام 1978. لكن الحرب اللبنانية بمرورها البشع في إهدن أجبرته على الرحيل.
فانتقل إلى فرنسا حيث قُبل في معهد سيرجي بونتواز Cergy Pontoise الوطني للفنون الجميلة ( في ضواحي باريس)، فدرس فيه ما ببن 1981 و1982 ليحصل على شهادة في مجال التعرّف على أصول الفن (الحلقة الأولى، سنتان بعد البكالوريا). ثم انتقل إلى نانسي حيث تخصص في هندسة البيئة ( الحلقة الثانية) من 1979 الى 1982 في المعهد الوطني للفنون الجميلة. فيما كان يتابع دروساً في الفلسفة. وفي المرحلة الدراسية ما بين 1981 و1982 صمّم خمسة مجسمات تهدف إلى توعية الرأي العام على رسالة منظمة العفو الدولية.
في صيف العام 1982، عاد بيار إلى زغرتا فكثرت نشاطاته وتنوّعت مع تنوّع اهتماماته التي عكست غنى شخصية الشاب وتعدد مواهبه.
فمن حيث المسرح، شارك مع فرقة “الديوان” في مسرحية مهاجر بريسبان لجورج شحادة
التي قُدمت في قبو مار سركيس الأثري في إهدن. ولدى الانتقال إلى زغرتا في بداية الخريف، ساهم مع الفرقة عينها في تأهيل المسرح البلدي الذي اعتلى خشبته لتقديم العمل الثاني لجورج شحادة، حكاية فاسكو. وفي المسرحيتَين، لم يقتصر دوره على التمثيل، بل تعداه إلى تصميم البطاقات والكتيبين والملصقات الإعلانية وديكور المسرح.
البيئة بكل أوجهها شغلت حيّزاً واسعاً من اهتمامات بيار، فتراه يركّز، في كل ما ترك من تصاميم أرفقها بشروح. على الحفاظ على هوية بلدته وتراثها. وقد وضع الشاب الذي كان يعدّ الرسالة لنيل دبلوم في هندسة البيئة، أكثر من مخطط لزغرتا وإهدن. فخصّ زغرتا بتصوّر
يهدف كما كتب، إلى “محاولته برمجة التطور والنمو الديموغرافي والصناعي والتجاري”، وحمل بعض مسودات المشروع عنوان “زغرتا عام 2000″ فتناول مختلف مستويات الحياة في البلدة، من التجاري الى السياحي الى الصناعي فالثقافي. اما في ما يخص اهدن
فقد تمثل همه الكبير بإبراز عراقتها.
كان يخطط على الورق لمشاريع طويلة الأمد ليلاً ويعلم على مشاريع سريعة التحقيق تُحدث تغييراً ملموساً نهاراً.
قام بيار بوضع تصاميم لزينة ميلادية نفّذها مع مجموعة من التلاميذ من معهد زغرتا الفني (المهنية) ليضيء بها شوارع زغرتا. وفي ربيع 1983، شارك في الإعداد للكرنفال الذي جاب شوارعها وزيّن عدداً من عرباته، وفي السنة عينها، صمّم دليل هاتف بلدته فحملت صفحاته القناطر الغالية على قلبه، ولم تمنعه كل هذه النشاطات من مزاولة التدريس فعلّم مادة الفن في معهد زغرتا الفني (المهنية) والرسم في مدرسة القلبين الأقدسين ( اليسوعية) في الهيكلية في العام الدراسي 1982-1983.
اتّسع عمر بيار القصير للكتابة أيضاً، فكان الشاب يعبّر بسهولة عن افكاره الغزيرة باللغة الفرنسية في غالب الاحيان، وعلى قصائص الأوراق او هوامش اللوحات أو صفحات الرسائل، كتب عن الانسان والحرب والحياة والموت، كتب في الفلسفة خصوصاً، فمثّلت خواطره أو نصوصه المكثّفة هواجس وتساؤلات سكنت نفسه ورسوماته.
على صعيد الرسم، اقام بيار، في ايلول 1981، معرضاً للوحاته في قبو مار سركيس في اهدن رافقه في خلاله الفنان جميل غالب عازفاً على البيانو. وفي ربيع العام 1983، شارك في معرض جماعي أقيم في قصر نوفل في طرابلس، وكان في غمرة التحضير لمعرض شامل يضمّنه لوحاته ومنحوتاته في ذلك اليوم المشؤوم من العام 1983، يوم السادس عشر من حزيران حين وقع ما عُرف بـ”مجزرة البحصاص” في طرابلس، فسقط بيار مع الذين قضوا فيها.